الخميس، 17 أكتوبر 2013

وقفات وتأملات مع عيد الأضحى المبارك


وقفات وتأملات مع عيد الأضحى المبارك


* ها هو عيد الأضحى يُسرع الخُطى إلينا ببركته وفضله؛ ليكون ختامَ عبادةٍ، وتمامَ نعمةٍ، فهو يأتي في ختام فريضة (الحج)، وهو ركن ركين من أركان الإسلام، كما كان عيد الفطر ختام فريضة (الصيام)؛ ليفرح المسلمون عقب كل عبادة ونسك.. ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (يونس: 58 ، وهو يأتي عقب يوم عرفة؛ حيث يغفر الله لهذه الأمة ما أسلفت من معصية، وما فرَّطت في جنبِ الله، فلا يرى الشيطانُ أخزَى ولا أذلَّ منه يومئذٍ، وقد خاب سعيُه، وضاع جهدُه.

 
* وفي مثل ذلك اليوم أتمَّ الله نعمته على أمة الإسلام بكمال نزول القرآن، دستور هذه الأمة.. ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ (المائدة: من الآية 3، وفي أعقابه يقذف الحجيج إبليس بجمراتهم، متبرئين من سلطانه وقهره، عازمين على نصب العداوة له ، فنسأل الله تعالى أن يتقبل من حجَّاج بيته حجَّهم وسعيَهم، وأن يُديم عليهم نعمته، وقد عادوا متطهرين كيوم ولدتهم أمهاتهم .

 
* يأتي عيد الأضحى من كل عام تخليدًا لكل هذه المعاني وغيرها، وخاصةً ذكرى تضحية أبي الأنبياء إبراهيم- عليه السلام- وأسرته المؤمنة التي نذرت نفسها لله، واستسلمت لأمره، فحقَّقت كمال معنى الإسلام والإيمان، حين همَّ خليل الرحمن بذبح ولدِه طاعةً لربه، فانقاد الابن لمراد الله تعالى، فكان تمامُ الإسلام لله هو كمال الاستسلام له.. وبتلك التضحية النبيلة استحق إبراهيم- عليه السلام- أن يكون خليل الله تعالى، وأن يكون أمةً وحدَه .

 
* يأتي عيد الأضحى مذكراً إيانا بخطبة الرسول  الخالدة في يوم عرفة في حجة الوداع ، والتي تعد أول إعلان عالمي عن حقوق الإنسان !! لقد تناول في خطبته الموجزة تلك ، أمام ذلك الحشد العظيم ، أسس ومعالم الدين الحق، وأعلن حقائق نحتاج نحن الآن بعد مرور تلك القرون والأزمان إلى تفعيلها وتطبيقها ، بعد أن تباعد بيننا وبين تلك الأسس والمبادئ ما طرأ على المسلمين من تبديل وتغيير أصابهم في مقتل، وحَرَفهم عن أصول دينهم.

 
* فإننا ـ نتيجة لمخالفتنا لمضمون تلك الخطبة الجامعة ـ نرى أنهار الدماء تسيل بأيدي مسلمين في بلاد الإسلام، ونرى الربا هو أساس التعامل بين المسلمين، ونرى حقوق البشر يتم انتهاكها عيانًا جهارًا باسم الأمن والاستقرار، وتمتلئ السجون بِخيرَة الدعاة والمربِّين ، ونرى الظلم يلحق بالفقراء ، في حين يكدس الأغنياء فوائض أموالهم في بنوك الغرب، بينما النساء يقع عليهنّ ظلم بيّن باسم الإسلام حينًا، وباسم التقاليد التي التصقت بالدين والدين منها براء أحيانا كثيرة ، نرى العالم الإسلامي يتمزق إلى أكثر من 55 دولة وإمارة ، بينها من المشكلات ما يشيب له الولدان.. فلا حول ولا قوة إلا بالله.

 
* يقبل هذا العيد وأهلينا في سوريا وفلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير والشيشان وبورما- وفي غيرها من بلدان عالمنا الإسلامي المستهدف- يرزحون تحت نير الاحتلال والعدوان والاغتصاب ، فقد قُتلوا وشُردوا واغتصبوا ، ودِيست بلادُهم، وبُدِّدَت ثرواتهم، واحتُلت أوطانهم ، فطوبى لكل مَن مدَّ إليهم بالعون يده؛ ليمسح دمعةَ أمٍ وطفلٍ من أطفالهم في يوم العيد، حرمه المجرمون الفرحة به، واغتالوا البراءة من عينيه، وهدموا داره، وشردوا أباه، أو غيَّبوه خلف أسوار ظلمهم وأحقادهم، ولا ريبَ أنَّ إعانتهم وكفالَتَهم ودعم جهادِهم فرضٌ واجبٌ.. تقبَّل الله منَّا ومنكم، وكل عام وأنتم إلى الله أقرب، وعن معاصيه أبعد..

 
بقلم : أحمد معمور العسيري


Asiri2100@gmail.com