( جامعة
الدول العربية ) ... تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى !!
في العاصمة القطرية الدوحة في يوم الثلاثاء
14/5/1434هـ الموافق 26 مارس عقدت الجامعة العربية اجتماع قمة للقادة العرب ، هو
اجتماع القمة الـ37 في تاريخها ، هذه الجامعة العتيدة مضى على تأسيسها 68 عاماً
(منذ 1945م) ، تضم 22 دولة (مجموع سكان دولها 340 مليون نسمة) ، وهي ثمرة
اقتراح بريطاني كان هدفه سيطرة بريطانيا على الجامعة ؛ للحصول على امتيازات في
أراضيها ...
هذه الجامعة قائمة على نظرية الوحدة والقومية
العربية ، وهي نظرية فاشلة خاطئة ، أنكرها الإسلام وحاربها ، وقد أثبتت فشلها
وعقمها الكامل على مدى سبعة عقود متتالية ، ولكن هؤلاء القادة العرب تأبى عقولهم
أن تفهم ذلك أو تستوعبه ...!! فهم بدأوا مسيرة جامعتهم تلك ـ منذ 68عاماً ـ وقلوبهم
متباينة متفرقة متنافرة ، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى !! و لا زالوا على ذاك الحال
إلى اليوم !! بل هم أشدُّ عداوة من الأمس ...
والوحدة
الصحيحة التي يمكن أن تقوم في هذه الأمة هي وحدة الدين الإسلامي ورابطة العقيدة ،
فهي الأساس الوحيد الذي يمكن أن يجمع هذه الأمة .. و لا أساس غيره يوحدهم ... قال
تعالى : (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)[سورة الأنبياءٍ]
فما الذي أنجزتْه الجامعة على مدى 68 عاماً من
عمرها ؟ طوال هذه المدة لم تقم لهذه
الجامعة العتيدة قائمة ، ولم تخرج بأي قرارات أو أفعال أو إنجازات (تبيِّض الوجه
!!) وتذكر لها على صفحات التاريخ !! هي أقرب ما تكون إلى مؤسسة
حكومات لا تمثل شعوبها في أكثر الأحيان ...
العقم هو السمة السائدة على مناشطها وفعاليات ، وباتت توصياتها مضرب
المثل على الشكلية والبؤس، حيث تتصدى لقضايا الأمة بالخطب الرنانة والبيانات
الجوفاء ، سواء في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية بل والثقافية !! وصفها الوزير المفكر غازي القصيبي قائلاً : " أنها مُنَظمة تملك
مناعة ضد المَوت وحَصَانة ضد التطور " !! .... تعيش
مرحلة موت سريري .. وميئوس من شفائها !!
فشلت ـ على مدى
تاريخها ـ في توحيد الأمة العربية ، أو دعم الروابط الاجتماعية والثقافية
والاقتصادية بين الشعوب العربية ، وفشلت في توثق الصلات بين دولها ، فشلت في التوصُّل إلى سِياسات مشتركة بين الدول العربيَّة في المواقف
الدوليَّة يلتَزِم بها الجميع ، كما فشلت في إيجاد روابط اقتصادية وإنشائية بين
الدول الأعضاء، متمثلةً في شبكات الطرق والسكك الحديدية ، وإلغاء الحواجز
الجمركيَّة ...
فشلت في
قمْع أيِّ عُدوان خارجي وقَع على دولةٍ عربيَّةٍ ؛ كالعُدوان الثلاثي على مصر،
والاعتداءات الإسرائيليَّة على فلسطين ودول الجوار، والعُدوان الأمريكي على
العراق، وفشلت في قمْع عُدوان دول عربيَّة على أخرى؛ كالعُدوان العراقي على الكويت
، وفشلت في إيقاف الحروب الأهليَّة كما في الصومال ..
هي مؤسسة هزيلة ضعيفة .. بل أثبتت الوقائع
التاريخية أنها باتت من أضعف المنظمات الإقليمية ، إن لم تكن أضعفها ، برغم أنها
من أسنّ المنظمات حيث يناهز عمرها النصف قرن..وحالها
كما قال الشاعر قديماً:
عجوزٌ تُرَجّي أن تكون صبيةً وقد لحب الجنبان واحدودب الظَّهْرُ
تَدُسُّ إلى العطّار مِيرةَ أَهْلِها
وهل يُصْلِحُ العطارُ ما أفسدَ الدّهْـــرُ
واضرب مثلاً بالاتحاد الأوربي ـ كوحدة ناجحة ـ
فقد بدأ مسيرته بعد الجامعة بسنوات (1951م) لكنه سبق الجامعة العربية بسنوات ضوئية
، علماً بأن الأوربيين يتكلمون لغات شتى ، وكان بينهم حروب مريرة على امتداد قرون
من الزمان !! مع ذلك تحوّل الاتحاد الأوربي خلال فترة وجيزة ـ وبما يشبه المعجزة ـ
إلى تكتل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي مؤثر في النظام العالمي ..
فتم إلغاء الرسوم الجمركية على التجارة البينية بين الدول الأعضاء وتم إيجاد السوق الموحدة ، والعملة الموحدة اليورو، ثم تم إلغاء الحدود ، وتمَّ إنشاء البرلمان الأوروبي ، والمفوضية الأوروبية ، والمصرف المركزي الأوروبي .. كما تدرجت عضوية المجموعة من ست دول إلى أكبر تجمّع سياسي واقتصادي وأمني في أوروبا يضم في عضويته 28 دولة .
فتم إلغاء الرسوم الجمركية على التجارة البينية بين الدول الأعضاء وتم إيجاد السوق الموحدة ، والعملة الموحدة اليورو، ثم تم إلغاء الحدود ، وتمَّ إنشاء البرلمان الأوروبي ، والمفوضية الأوروبية ، والمصرف المركزي الأوروبي .. كما تدرجت عضوية المجموعة من ست دول إلى أكبر تجمّع سياسي واقتصادي وأمني في أوروبا يضم في عضويته 28 دولة .
و لا أرى حلاً لهذه الجامعة البائسة إلاَّ
إلغائها .. فلا سبيل لإصلاح حالها .. فما بني على باطل يبقى باطلاً !!
بقلم : أحمد معمور العسيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق