السبت، 9 مايو 2015

عملاق في زمن الأقزام .. وكبير في زمن الصغار !!



في مبادرة جليلة هي الأولى من نوعها ، وفي بادرة تكتب بماء الذهب وبحروف من نور.. وبعيداً عن الإعلام وعن الضجة ، آوى شيخ عشيرة في العراق في مزرعته الخاصة 400 عائلة عراقية مشردة تقطعت بها السبل ، قدموا إلى بغداد مشياً على الأقدام من الأنبار ، فراراً بأعمارهم وهرباً من عصابات داعش والمليشيات المسلحة الإرهابية !!
الحكومة نفسها تخلت عن هؤلاء النازحين المساكين ، ورفضت دخولهم في بغداد ، حيث اشترطت على كل نازح إحضار كفيل لدخول بغداد !! وهو شرط تعجيزي في ظل هذه الظروف !
فلم يجدوا ـ بعد الله ـ إلا الشيخ جمال الجنابي ـ أحد شيوخ العشائر ـ الذي رحب بهم وفتح لهم مزرعته الخاصة ،  الواقعة على مسافة 500 متر من مدخل بغداد الغربي، ومساحتها عشرة دونمات .
اقتلع كل أشجار النخيل من مزرعته !! وأنفق أكثر من مليون دولار من ماله الخاص لإسكانهم وإطعامهم وإيوائهم ، حيث وفر لهم 200 منزل متنقل وكافة الاحتياجات الحياتية .. ووفر لهم عمالة وطباخين لطبخ الطعام لهم يومياً واعتبرهم ضيوفه الخاصين ...
الحكومة تعمدت تجاهل المبادرة وتهميشها والتكتم عليها قدر الإمكان ... بسبب ما سببته لها من حرج شديد ، ولأنها وصمة عار يلطخ جبينها الأسود ـ أصلاً ـ فهؤلاء المشردون مواطنوها ومسؤوليتها التي تخلت عنها وتبرأت منها .. وهي تتلقى مئات الملايين من الدولارات لإيواء وإغاثة اللاجئين  !!
سبحان الله !! ما أبعد المسافة بين الشيخ الجنابي وبين معظم السياسيين والمسؤولين العراقيين الذين كل همهم التصريحات والفلاشات الإعلامية  والمقابلات التلفزيونية ، وهموم الناس الحقيقية هي آخر ما يشغلهم !!
ورغم أنه قام بواجب دولة بأكملها وقدَّم جهداً يفوق حتى جهود المؤسسات الحكومية في إيواء نازحي الرمادي ، فإنه امتنع عن الحديث أمام الكاميرات ، وفشلت قناة العربية ـ بحسب اعترافها ـ في أخذ مقابلة معه ، ورفض إجراء أي مقابلات أو إعطاء أي تصريحات ، ولم أجد له حتى صورة له في فضاء الإنترنت ..
أراد أن يكون عمله كاملاً وخالصاً لوجه الله وفي سبيل الله ... فشكراً لهذا العملاق في زمن الأقزام !! ولهذا الرجل في زمن أشباه الرجال !! ولهذا الكبير في زمن الصغار !! بارك الله له في مزرعته وفي ماله ، وتقبل الله منه وأكثر من أمثاله !!
والناس ألف منهم كواحدٍ      وواحدٍ كالألف إن أمرٌ عنا



بقلم : أحمد معمور العسيري



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق