في إجازة منتصف العام الدراسي كانت لي سفرة إلى دولة الإمارات ، مررت خلالها بجميع إماراتها براً ـ وخاصة دبي والشارقة ـ ، وقد خرجت من زيارتي القصيرة تلك (9 أيام فقط) بعدة ملاحظات منها :
ـ لفت نظري قلة الحوادث المرورية ، والتي تكاد تكون معدومة !! وقد يعود ذلك لتطبيق النظام من قبل الجهات الرسمية ، ولاحترام الأنظمة من قبل إنسان الإمارات (المواطن والمقيم) ، كذلك اعتقد إنه يعود لجودة طرقها وشوارعها المنفذة على مستويات عالمية راقية ، وتذكرت ـ بألم ـ كثرة الحوادث اليومية المميتة في مدننا ، ورداءة شوارعنا وطرقاتنا !!
ـ نظام المخالفات المرورية والرادارات واضحة وضوح الشمس وتسبقها لوحات تحذيرية ، ويعطى مجال للسائق ، فطريق 120كم مسموح لك لغاية 140 كم وطريق 80 كم مسموح لك لغاية 100 كم وهكذا .. فتذكرت ساهرنا (اللص) وبكيت حسرةً وقهراً على حالنا !!
ـ محطات الوقود في الإمارات منفذة بغاية الجودة والروعة والجمال ، كأنها تحف فنية ، وتقدم خدمات راقية متكاملة ، سواءٌ في داخل المدن أوخارجها ، وتقتصر ـ على ما اعتقد ـ على شركتين هما (أدنوك وإينوك) ..
وهما شركتان عالميتان متخصصة ومحترفة وذات خبرة عالية ، فتذكرت بحسرة محطاتنا التي ينال تراخيصها كل من هبَّ ودبَّ ، والتي تشبه زرايب الحيوانات وحظائر البهائم !!
ـ لفتني قلة المعاكسات وندرة مضايقة النساء والبحلقة المفجوعة فيهن في الأسواق والمجمعات والمطاعم وغيرها !! هناك استطعت أن أتناول العشاء مع عائلتي في أماكن مكشوفة في المطاعم والمنتزهات بدون أن يلتفت إلينا أحد مطلقاً .. وهذا من عاشر المستحيلات هنا !!
ـ الفضول والتطفل معدوم تقريباً .. فكل إنسان منصرف إلى شأنه وإلى عمله و لا يلتفت إلى غيره !!
ـ إقامة مشاريع تجارية سياحية ترفيهية ضخمة ومتميزة ومستدامة ـ طوال العام ـ كالقرية العالمية وسوق التنين الصيني والأسواق والمجمعات الضخمة في دبي ومحميات الحيوانات والمتحف الكبير في الشارقة وغيرها .. وهي تحقق جذب سياحي كبير للدولة .
ـ نجاح دولة الإمارات في تحقيق المركز الأول على مستوى الدول العربية في الجذب والاستقطاب السياحي !!
ـ لفتني مدى حب الإماراتي لقادة بلاده ، فلا يأتي ذكرهم إلاَّ ويدعو لهم بطول العمر والعز والعلو ، والدعوة بظهر الغيب تدل على الحب الحقيقي ، ويعود ذلك لمدى تواضع الحكام وتفانيهم وإخلاصهم في خدمة الشعب !!
ـ فعلى سبيل المثال شاهدت بنفسي عملية إحصاء وتسجيل المنازل (المبنية قبل عام 1992م) وعلمت منهم أن حاكم الدولة الشيخ خليفة أمر بحصر كل تلك المنازل ـ التي تعتبر جديدة نوعاً ما ـ ثم هدمها وبنائها كفلل جديدة لأصحابها على نفقة الدولة بالكامل !!
ـ ( كل إماراتي من حقه الكامل الحصول على أراضي سكنية وصناعية وتجارية ... وزراعية إن أمكن) هذه السياسة الواضحة التي أعلنها حاكم الدولة ، ولاحظت ـ بنفسي ـ أن الدولة سائرة حثيثاً في تطبيق هذه السياسة !!
ـ فلا يوجد إماراتي واحد في مسكن مستأجر .. إلاَّ في أندر الأحوال !! ويخلف الله على شعب 80 % منهم مستأجرون !!!
ـ والدولة هناك تمنح مواطنيها أراضي منح بالمجان لا تقل مساحتها عن 1200م وتمنحه مبلغ 500 ألف درهم للبناء ( منحة مجانية إذا كان راتبه أقل من 12000 درهم ) !! ويأتي دوره في المنح وهو في عز الشباب !!
ـ فتذكرت صندوقنا العقاري التعيس الذي ننتظر فيه أدوارنا 25 عاماً .. فيفنى العمر ولم يأتِ القرض .. وهو قرض مسترد وليس منحة !!
ـ وتذكرت ذلك المسؤول الذي قال له الملك : (نرى أن لا تقل الوحدة السكنية للمواطن عن 500م) .. فيرد عليه المسؤول : لا يا طويل العمر هذا كثير .. يكفيهم 250 م فقط .. بينما هو يسكن في قصر في الرياض مساحته أكبر من 5000 م ... حسبي الله ونعم الوكيل !!!
ـ (أتمنى من كل إماراتي أن يرفع علم البلاد على مسكنه في عيد استقلالنا !!) مقولة وجهها الشيخ عبدالله بن زايد لمواطنيه .. وترتب عليها أن رفرفت الأعلام على كل بيوت الإمارات ..
ورغم مضي أسبوعين على المناسبة عند قدومي إلا أن الأعلام كانت لا تزال موجودة فوق البيوت ، وطبعاً يدل هذا العمل على مدى حبهم وتقديرهم لحكامهم وشيوخهم !!
ـ ولعل من أهم ما وحَّد قلوبهم ومشاربهم وتوجهاتهم انعدام الطائفية والمذهبية في الدولة ( أو ندرتها الشديدة ) !!
ـ كل مواطن إماراتي من حقه الكامل الحصول على وظيفة مشرفة تناسب مؤهلاته ( لكلا الجنسين ) .. فلا تجد هناك عاطلاً بسهولة ، ويخلف الله على دولة ثلث سكانها عاطلين ويشحذون من ( حافز ) !!!
ـ الإنسان الإماراتي يميزه الكرم الشديد والبذل والسخاء وطلاقة الوجه مع ضيوفه وزواره !!
ـ ما لفتني هناك أيضاً انعدام البسطات في الشوارع وأمام المساجد .. والتي نجدها في كل متر مربع هنا !! ولعل سبب كثرتها عندنا بسبب كثرة الفقراء والعاطلين من المواطنين والذي لا يجدون إلا هذه الوسيلة للتكسب !!
ـ وعدت من الإمارات وأنا أحمل أجمل الذكريات عنها !!
بقلم : أحمد معمور العسيري
الدمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق